عودًا على موضوع رسوم العمالة الوافدة المفروضة على المنشآت التي يقل عدد السعوديين فيها عن الوافدين، والمحسوبة فقط على فرق الزيادة في جانب الوافدين.
وعلى لغة أهل السياسة، فإني أشعر بقلق (بالغ) كوني لا أدرك مدى النجاح الذي ستلقاه (حملة الرسوم) عندما تترجم إلى أثر فاعل، خاصة أن الوزير قد ذكر بأن سوق العمل يستقبل سنويًّا 330 ألف يد عاملة وطنية، وكثير منها (يسجل) في حافز طمعًا في العوض الزهيد إلى أن يفرج عليه الغني الحميد. خوفي أن يكون (السعودي) مجرد (آلية) للتخفيف من وعثاء الرسوم، وأخشى أن يكون كذلك حتى في (نطاقات)، فهو الذي يستجلب البراءة وينقل المنشأة من (الأحمر) الفاقع إلى (الأخضر) الزاهي.
أول مبعث على القلق هو الشعور بأن وزارة العمل تتحرك (وحيدة) على الساحة، في حين تكتفي بقية الجهات بالفرجة. بصراحة لا يتضح لي أن روحًا تسري بين كافة القطاعات تؤكد أن الهمّ واحدٌ، وأن الفريق كله ساهر وراغب ومتوثب للمساهمة في حل أكبر معضلة يواجهها المجتمع والدولة.
وإذا كانت حلول هذه المعضلة جزءًا من إستراتيجية الدولة، وهي حتمًا كذلك، فعهدي وعلمي بأن الإستراتيجية لا تنجح إلاّ بكامل الفريق تكاتفًا وأداءً وانضباطًا وتعاونًا، وفوق ذلك كله (تناغمًا) أي أن يغرد الجميع داخل السرب فلا نشاز أبدًا.
وأمّا شدة القلق فمردها إلى عاملين مهمّين، مدى جودة تأهيل الشباب القادم إلى سوق العمل، وجودة التأهيل تشمل مدى الجاهزية للانضباط في العمل، ومدى الرغبة في التعلم حقًّا وبصورة مستمرة، لا يكثر الغياب والتأخر، ولا يمارس الكسل والتهرب، ولا يتطلع إلى (المريسة) وزيادة الراتب باستمرار.
وللأسف الشديد، فإن مؤسساتنا التي تؤهل الطالب لا تساعده على التحلي بأخلاق الانضباط ولا الالتزام.. يتعلم منها أن المردود كبير مقابل أي جهد قليل، وأن أي عذر للتهرب مقبول بما فيها الكذبات البيضاء والحمراء والسوداء.
خوفي أن يأتي يوم يرحل فيه الوافدون العاملون المنتجون، ويبقى المواطنون الموظفون.. قليلهم ينتج وكثيرهم يستمتع بضمان اجتماعي دائم في القطاع الخاص كما في القطاع العام